قصة غرام جدية
صفحة 1 من اصل 1
قصة غرام جدية
رسالة غرام
بحث كثيرا عن بطاقته الشخصية ،ارتبك وكاد يشتم حظه ، جلس على الكرسي ، وضع يديه خلف رأسه وتنهد بعمق، ثم قال في نفسه:
- تفه اللعنة على الشيطان ، لقد أضعتها بسبب إهمالي..
اتصل به صديقه رابع مرة ، واستعجله للذهاب معا إلى المدينة ، اعتذر عن تأخره، وقال إنه لم يجد بطاقته الضرورية في إنجاز معاملة هامة لدى مؤسسة التموين ، طلب منه أن يحاول ووعده أنه سينتظره بعض الوقت ريثما يجدها، تحمس أكثر، وبحث في كل زاوية من زوايا البيت .. دخل إلى غرفة أولاده الذين ذهبوا للمدرسة، فتش بين دفاترهم وكتبهم.. خالجه شعور غريب و هو يبحث ، ثم همس :
- من غير المعقول أن تكون هنا!
قلّب بين الدفاتر قليلا ، وقع نظره على ظرف رسالة داخل أحدها ، حاول تجاهل الأمر ، لكن الظرف استفزه ، ونقر نقرات خفيفة على بوابة ذاكرته :
- لا يزال أطفالي صغارا على كتابة الرسائل.
برزت وردة مجففة من طرف الظرف ، فمد يده و فتحه، أخذ ورقة مزخرفة، وقرأ:
" حبيبتي ، لقد جعلتني أكثر نشاطاً في المثابرة ومتابعة دراستي ، وانطلق من داخلي عصفور مرح يشبه عينيك ، لقد تجاوزت أبجدية الحب .. وأخط الآن جملا أركبها من لقاءاتنا التي تشبه لعبة القط و الفأر ، فأنا الآن عاشق مختلف عما كنت عليه بسببك …"
قرأ لأب الرسالة حتى النهاية ، سبقته إلى داخله عاصفة عجز عن ضبطها ، سلم أبوته للضبابية التي تعتري الجو في لحظة العواصف ، تراخى ، فسقطت الرسالة على الطاولة، أجلس مفاجأته على عرقه المتصبب من خزان جبهته ،دارت به أرض الغرفة، فأغمض عينيه ، وقال :
أنا أب مهمل ..-
خرج ، وغسل وجهه بالماء البارد، تحدته أسئلة ولدت من ذاكرته كأطفال ، فشل في قمعها بعصا المربي القاسي ، راح يبعدها عنه كمن يبعد الذباب عن أنفه المزكوم،التف سؤال واحد حول حنجرته كقيد :
- هل كبرت بسرعة هكذا يا سليمان ؟
احتج على السؤال ، وأجاب :
- لن أغير موقفي أبدا ، ولن أسمح لأحد أبدا أن يناديني بأبي وليد، لا أزال سليمان شيخ الشباب ، ولا يزال وليد طفلي الصغير ..
شدّته ذاكرته إلى ماضٍ انتفض ضد وقته المتمرد عليه و الذي تمكن من نشر بعض الشيب في ساليفيه..
اتصل بصديقه و اعتذر بأنه لن يرافقه إلى المدينة ، و قال في نفسه ، حتى لو وجدت البطاقة، فلن أذهب ..
عاد إلى الغرفة ، أخذ الرسالة و قرأها ثانية ، أعجبته الجمل المشحونة بعواطف جياشة، كرر عشر مرات الجملة التالية " كما علمني أبي الصدق ، يعلمني حبك أن أكون نقيا كالسماء في ليلة صيف جميل.."
تذكر أنه قال كلاما مشابها لزوجته أولى أيام عشقه لها ، تسلقه شبابه كدمية ، و داعبه قلبه الذي أخذه فجأة إلى تلك الأمسيات الجميلة التي بدأت بقصة حب مثيرة و انتهت بزواج مثالي، بكت عليه الكلمات التي انطلقت من تحت معطف رسالة ابنه ، وعاتبته بلسان زوجته:
- أنت تفتخر بشابك ، و نسيت الجمل الغرامية التي تحتاجها رفيقة عمرك .
أجاب بوضوح لا يخلو من قسوة :
- إنها الدنيا و مشاغلها..
- اعترفْ أنك كبرت.
شعر أنه سيخسر الحوار ، فنأى بنفسه عنه ، و راح يعد على أصابعه كتلميذ في الصف الأول الابتدائي كم سنة بلغ عمر ابنه ، و تأكد أنه تجاوز الـ 15عاما بثلاثة أشهر ..
فرك سالفه ، وقال :
لقد ذكّرتني يا وليد أنك كبرت.
و أجاب على سؤال حرج طرحه على نفسه:
- نعم ، أعترف أنني كبرت..
أعاد الرسالة إلى مكانها ، تفاوض مع ماضيه و ترجاه أن يتركه وحيدا كي يتمكن من انتشال نفسه .. استقبل الأولاد الذين عادوا من المدرسة ، اهتم بهم كعادته ، وبعد قليل التحقت بهم الأم التي عادت من بيت أهلها ، اشترك مع الزوجة في ترتيب البيت، كما اهتما بدراسة الأولاد .. تشابكت نظراته مع نظراتها ، ابتسمت ، فتنكر لهذه الحركة غير المقصودة منه ، لامس كتفه كتفها،و على خلاف كل مرة تلمسه شعور أن كل سني عمره التي أمضاها معها بمحبة اختبأت وراء رتابة قاسية ، فجأة تحررت من ملكوت الصمت و فاضت مشاعر جياشة كعيد طال انتظاره ، استندت إلى النافذة و تأملت شجرة الجوز الخضراء التي ترخي بظلالها على البيت ،التفتَ حوله متأكدا من خلو المكان ، وقال:
- " كما علمني أبي الصدق، يعلمني حبك أن أكون نقيا كالسماء في ليلة صيف جميل.."
تفاجأت بما قاله ، و نبهته إلى وليد الذي دخل بسرعة وسمع بعض هذه الكلمات ، ثم خرج فورا..
تجاهل الأمر وقال جملا أكثر رومانسية ، أيقظت شبابها الغافي في سرير همومها اليومية، تلذذت بما قال ، ودون أن تجيب ، جهزت فنجاني قهوة ،و طلبت منه الخروج إلى ظل شجرة الجوز ، جلسا كعاشقين يلتقيان أول مرة ، بدأ اللقاء بصمت، فجّره بكلمات رقيقة من رسالة ابنه ، استغربت ، و تحملت طرح سؤالها اليتيم:
- من أين كل هذه الشاعرية؟
ابتسم ، وأجاب:
- أنت الحب الدائم الذي لا أستطيع التعبير عنه بالكلمات.
امتشقت أنوثتها الممزوجة بأمومة طافحة بالجد و قدمتها كنبتة طرية إلى زوجها الذي شعر بيخضورها كضوء يتسلل إلى أعماقه..
بعد عدة أيام لاحظ الأب تجنب وليد له، فقرر أن يناقشه في الأمر، وأن يبارك له حبه، ويدعوه للدفاع عنه حتى النهاية، اقترب منه واستعد للتكلم معه مباشرة حول الرسالة، تلعثم، ووجد نفسه يكلمه عن الدراسة و الأصدقاء و المدرسين..
شعر وليد بارتباك والده ، فارتبك أكثر ، ابتعد الأب عنه ، وسأل نفسه :
- لماذا ارتبكت؟
فكان الجواب:
- أنت لم ترتبك ، بل خجلت من ابنك، لأنه سمعك تغازل أمه بكلماته نفسها.
فكر قليلا ، وأضاف :
- إذا كنت أخجل من ابني ، فكيف الحال به هو ؟
ودون مقدمة ، خرج إلى بهو البيت و خاطب زوجته بصوت عال:
- يا نور عيني ، إذا عشقت ابنتك ، فماذا تنصحينها؟
أجابت الزوجة باستغراب:
- لا يزال الوقت مبكرا على السؤال .
- أعتقد أن السؤال قد نضج.
تظاهرت الزوجة أنها فهمت قصده ، وأجابت :
- أنصحها كما نصحتني أمي ، وأقول لها : احسني الاختيار ، وانتبهي ، إذا حرص عليك الشاب كأخت ، و عشقك كحبيبة امضِ معه حتى النهاية..
فهم وليد رسالة والديه، لف ارتباكه بابتسامة ورضى، ودخل إلى غرفته كي يتابع تحضير دروسه..
بحث كثيرا عن بطاقته الشخصية ،ارتبك وكاد يشتم حظه ، جلس على الكرسي ، وضع يديه خلف رأسه وتنهد بعمق، ثم قال في نفسه:
- تفه اللعنة على الشيطان ، لقد أضعتها بسبب إهمالي..
اتصل به صديقه رابع مرة ، واستعجله للذهاب معا إلى المدينة ، اعتذر عن تأخره، وقال إنه لم يجد بطاقته الضرورية في إنجاز معاملة هامة لدى مؤسسة التموين ، طلب منه أن يحاول ووعده أنه سينتظره بعض الوقت ريثما يجدها، تحمس أكثر، وبحث في كل زاوية من زوايا البيت .. دخل إلى غرفة أولاده الذين ذهبوا للمدرسة، فتش بين دفاترهم وكتبهم.. خالجه شعور غريب و هو يبحث ، ثم همس :
- من غير المعقول أن تكون هنا!
قلّب بين الدفاتر قليلا ، وقع نظره على ظرف رسالة داخل أحدها ، حاول تجاهل الأمر ، لكن الظرف استفزه ، ونقر نقرات خفيفة على بوابة ذاكرته :
- لا يزال أطفالي صغارا على كتابة الرسائل.
برزت وردة مجففة من طرف الظرف ، فمد يده و فتحه، أخذ ورقة مزخرفة، وقرأ:
" حبيبتي ، لقد جعلتني أكثر نشاطاً في المثابرة ومتابعة دراستي ، وانطلق من داخلي عصفور مرح يشبه عينيك ، لقد تجاوزت أبجدية الحب .. وأخط الآن جملا أركبها من لقاءاتنا التي تشبه لعبة القط و الفأر ، فأنا الآن عاشق مختلف عما كنت عليه بسببك …"
قرأ لأب الرسالة حتى النهاية ، سبقته إلى داخله عاصفة عجز عن ضبطها ، سلم أبوته للضبابية التي تعتري الجو في لحظة العواصف ، تراخى ، فسقطت الرسالة على الطاولة، أجلس مفاجأته على عرقه المتصبب من خزان جبهته ،دارت به أرض الغرفة، فأغمض عينيه ، وقال :
أنا أب مهمل ..-
خرج ، وغسل وجهه بالماء البارد، تحدته أسئلة ولدت من ذاكرته كأطفال ، فشل في قمعها بعصا المربي القاسي ، راح يبعدها عنه كمن يبعد الذباب عن أنفه المزكوم،التف سؤال واحد حول حنجرته كقيد :
- هل كبرت بسرعة هكذا يا سليمان ؟
احتج على السؤال ، وأجاب :
- لن أغير موقفي أبدا ، ولن أسمح لأحد أبدا أن يناديني بأبي وليد، لا أزال سليمان شيخ الشباب ، ولا يزال وليد طفلي الصغير ..
شدّته ذاكرته إلى ماضٍ انتفض ضد وقته المتمرد عليه و الذي تمكن من نشر بعض الشيب في ساليفيه..
اتصل بصديقه و اعتذر بأنه لن يرافقه إلى المدينة ، و قال في نفسه ، حتى لو وجدت البطاقة، فلن أذهب ..
عاد إلى الغرفة ، أخذ الرسالة و قرأها ثانية ، أعجبته الجمل المشحونة بعواطف جياشة، كرر عشر مرات الجملة التالية " كما علمني أبي الصدق ، يعلمني حبك أن أكون نقيا كالسماء في ليلة صيف جميل.."
تذكر أنه قال كلاما مشابها لزوجته أولى أيام عشقه لها ، تسلقه شبابه كدمية ، و داعبه قلبه الذي أخذه فجأة إلى تلك الأمسيات الجميلة التي بدأت بقصة حب مثيرة و انتهت بزواج مثالي، بكت عليه الكلمات التي انطلقت من تحت معطف رسالة ابنه ، وعاتبته بلسان زوجته:
- أنت تفتخر بشابك ، و نسيت الجمل الغرامية التي تحتاجها رفيقة عمرك .
أجاب بوضوح لا يخلو من قسوة :
- إنها الدنيا و مشاغلها..
- اعترفْ أنك كبرت.
شعر أنه سيخسر الحوار ، فنأى بنفسه عنه ، و راح يعد على أصابعه كتلميذ في الصف الأول الابتدائي كم سنة بلغ عمر ابنه ، و تأكد أنه تجاوز الـ 15عاما بثلاثة أشهر ..
فرك سالفه ، وقال :
لقد ذكّرتني يا وليد أنك كبرت.
و أجاب على سؤال حرج طرحه على نفسه:
- نعم ، أعترف أنني كبرت..
أعاد الرسالة إلى مكانها ، تفاوض مع ماضيه و ترجاه أن يتركه وحيدا كي يتمكن من انتشال نفسه .. استقبل الأولاد الذين عادوا من المدرسة ، اهتم بهم كعادته ، وبعد قليل التحقت بهم الأم التي عادت من بيت أهلها ، اشترك مع الزوجة في ترتيب البيت، كما اهتما بدراسة الأولاد .. تشابكت نظراته مع نظراتها ، ابتسمت ، فتنكر لهذه الحركة غير المقصودة منه ، لامس كتفه كتفها،و على خلاف كل مرة تلمسه شعور أن كل سني عمره التي أمضاها معها بمحبة اختبأت وراء رتابة قاسية ، فجأة تحررت من ملكوت الصمت و فاضت مشاعر جياشة كعيد طال انتظاره ، استندت إلى النافذة و تأملت شجرة الجوز الخضراء التي ترخي بظلالها على البيت ،التفتَ حوله متأكدا من خلو المكان ، وقال:
- " كما علمني أبي الصدق، يعلمني حبك أن أكون نقيا كالسماء في ليلة صيف جميل.."
تفاجأت بما قاله ، و نبهته إلى وليد الذي دخل بسرعة وسمع بعض هذه الكلمات ، ثم خرج فورا..
تجاهل الأمر وقال جملا أكثر رومانسية ، أيقظت شبابها الغافي في سرير همومها اليومية، تلذذت بما قال ، ودون أن تجيب ، جهزت فنجاني قهوة ،و طلبت منه الخروج إلى ظل شجرة الجوز ، جلسا كعاشقين يلتقيان أول مرة ، بدأ اللقاء بصمت، فجّره بكلمات رقيقة من رسالة ابنه ، استغربت ، و تحملت طرح سؤالها اليتيم:
- من أين كل هذه الشاعرية؟
ابتسم ، وأجاب:
- أنت الحب الدائم الذي لا أستطيع التعبير عنه بالكلمات.
امتشقت أنوثتها الممزوجة بأمومة طافحة بالجد و قدمتها كنبتة طرية إلى زوجها الذي شعر بيخضورها كضوء يتسلل إلى أعماقه..
بعد عدة أيام لاحظ الأب تجنب وليد له، فقرر أن يناقشه في الأمر، وأن يبارك له حبه، ويدعوه للدفاع عنه حتى النهاية، اقترب منه واستعد للتكلم معه مباشرة حول الرسالة، تلعثم، ووجد نفسه يكلمه عن الدراسة و الأصدقاء و المدرسين..
شعر وليد بارتباك والده ، فارتبك أكثر ، ابتعد الأب عنه ، وسأل نفسه :
- لماذا ارتبكت؟
فكان الجواب:
- أنت لم ترتبك ، بل خجلت من ابنك، لأنه سمعك تغازل أمه بكلماته نفسها.
فكر قليلا ، وأضاف :
- إذا كنت أخجل من ابني ، فكيف الحال به هو ؟
ودون مقدمة ، خرج إلى بهو البيت و خاطب زوجته بصوت عال:
- يا نور عيني ، إذا عشقت ابنتك ، فماذا تنصحينها؟
أجابت الزوجة باستغراب:
- لا يزال الوقت مبكرا على السؤال .
- أعتقد أن السؤال قد نضج.
تظاهرت الزوجة أنها فهمت قصده ، وأجابت :
- أنصحها كما نصحتني أمي ، وأقول لها : احسني الاختيار ، وانتبهي ، إذا حرص عليك الشاب كأخت ، و عشقك كحبيبة امضِ معه حتى النهاية..
فهم وليد رسالة والديه، لف ارتباكه بابتسامة ورضى، ودخل إلى غرفته كي يتابع تحضير دروسه..
ميدو11- نائب المدير
- عدد الرسائل : 120
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 31/05/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى